" الإســـلام .. وثمرة التقوى"

إن الشجرة قد تعجب الناظر،لكنه إذا اقترب منها وجدها بغير ثمر أو وجد ثمارها

غير طيبة وغير يانعة..

وإن الشجرة قد لاتعجب الناظر لكنه إذا اقترب منها

شاهد لها ثماراً يانعة ذات مذاق جميل ولذيذ.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :


"إن الله لاينظر إلى صوركم وأشكالكم ولكن ينظرإلى قلوبكم وأعمالكم" ..

فإن صلح العمل وكان مثمراً فى الدنيا إستحق رضا الله سبحانه وتعالى ،

أما إذا كان عمل الأنسان بعيداً عـن منهـج الله وأفـرز ثماراً غير طيبة

إستحق غضب الله فى الدنيا والأخرة.

يقـول عمـر بن الخطاب رضى الله عنه :

" إظهروا لنا أحسن أخلاقكم والله أعلم بالسرائر."

فالمطلوب أن نجنى ثمار العمل الصالح من حب وسلام،وتراحم وتعاطف،وإيثار

وتكافل، وصدق وإخلاص،ومراقبة ومحاسبة...إلخ.

وأستطيع أن أُجمع كل معانى الخير فى كلمة واحدة وهى ثمـرة التقـوى لله عز وجل.

يقول الله تعالى:

" ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكـر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن

أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير."الحجرات(13).

لقد وضع الحكيم الخبير ميزان ربانى للبشر- كل البشر- فى حياتهم الدنيا ألا وهو:

"إن أكرمكم عند الله أتقاكم"

فالتقوى جعلها الله كالثمرة بالنسبة للشجرة ، نستطيع بها التقييم الدقيق للناس ،

فلا فرق بين عربى وأعجمى ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى والعمل الصالح

كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم.

وبذلك ينصهر الناس - كل الناس - على إختلاف ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم

فى بوتقة واحدة ألا وهى تقوى الله عز وجل.

وفى ضوء هذا المفهوم يتحقق الهدف من الحياة فيقول الله تعالى :

" وما خلقت االجن والإنس إلا ليعبدون"


هذه العبوديه بمفهومها الشامل عبادة ونسك ، وإعمار وخلافة فى الأرض.


ونلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد وجه الخطاب لعموم الناس

- الذين هم فى الأصل خلق الله -

ولم يُـقصر الخطاب لفئةِ دون الأخرى وفى هـذا دليل على عالميـة الإسلام

وشمـوليـة الـدعــوة.

يقول صاحب الظلال:

" وهكذا تسقط جميع الفوارق،وتسقط جميع القيم ويرتفع ميزان واحد بقيمة واحدة،

وإلى هذا الميزان يتحاكم البشر، وإلى هذه القيمة يرجع إختلاف البشر فى الميزان

وهكذا تتوارى أسباب النزاع والخصومات فى الأرض، وترخص جميع القيم التى

يتكالب عليها الناس .. ويظهر سبب ضخم واضح للألفة والتعاون :

ألوهية الله للجميع وخلقهم من أصل واحد.

كما يرتفع لواء واحـد يتسابـق الجميع ليقـفـوا تحتـه: لــواء التــقـوى فـى ظل الله."


حقاً ماأعظم الدين الإسلامى الذى يستطيع أن يجمع كل الناس تحت راية واحدة

ولواء واحد،منقذاً البشرية من العصبية الجاهلية بكل صورها وأشكالها :

عصبية الجنس والأرض والدين.

وكذلك تحريرها من الشعارات الجوفاء من الإشتراكية إلى الرأسمالية إلى العلمانية ـ،

فيقيم النظام الإنسانى العالمى فى ظل راية الله ...

لا راية الوطنيه ولا راية القومية ولاراية الجنس، فكلها رايات زائفة لايعرفها الإسلام.


يقول الشهيد سيد قطب:

" هذه هى القاعدة التى يقوم عليها المجتمع الإسلامى.. المجتمع الإنسانى العالمى..

الذى تحاول البشرية فى خيالها المحلق أن تحقق لوناً من ألوانه فتخفق لأنها لاتسلك

إليه الطريق الواحد المستقيم ..الطريق إلى الله..

ولأنها لاتقف تحت الراية الواحدة المجمعة..رايـة الله."

فالحضارة الإسلامية - فى ضوء هذا المفهوم - هى المؤهلة للإستمرارية

واحتواء الآخر بالحق والعدل والقسط ، لأنها منهج ربانى أصوله فى السماء

وظله فى الأرض ، تنعم به البشرية إذا حققت شرعته ومنهاجه.

وهذا هو الفرق بين ثمرة الحضارة الإسلامية وثمرة الحضارات الأخرى

أو إن شئت فقـل الفـرق بين حضارة الوحى وحضارات الوحل. ******************************

((((((( بقلم ... د/ محمود رجب

بارك الله فيك اخي
ان شاء الله في ميزان حسناتك